الفيلم الجزائري خارجون عن القانون

“خارجون عن القانون”.. صورة للوعي الثوري الجزائري داخل فرنسا



أجمع كل من تابع عرض فيلم “خارجون عن القانون ” على الفنيات العالية للمخرج رشيد بوشارب وبراعة الفنانين الذين شاركوا في الفيلم بحيث استطاع”خارجون عن القانون” -الذي عرض صبيحة اليوم بقاعة الموقار تزامنا مع عرضه بمهرجان كان الدولي – أن يقدم صورة متكاملة للوعي الثوري الجزائري داخل فرنسا كما أبدعت كاميرا المخرج بوشارب في تجسيد الكثير من الحقائق التاريخية التي يحاول اليمين الفرنسي المتطرف طمسها من خلال الحملة التي يشنها على الفيلم بمناسبة مشاركته في مهرجان كان الدولي حيث يرشحه الكثير من المتتبعين للشأن السينمائي العالمي للفوز بجائزة السعفة الذهبية .

ولعل أهم ما يتميز به فيلم رشيد بوشارب هو تناوله لموضوع الثورة الجزائرية من زاوية غير تلك التي تعود السينمائيون تناولها بحيث أنه لم يتطرق إلى الثورة في الجزائر وإنما صور لنا صدى هذا الحدث التاريخي الذي ألقى بظلاله على حركات التحرر في دول العالم الثالث في بلد المستعمر فرنسا من خلال تركيزه على ماقام به الأشقاء الثلاثة “سعيد ، مسعود، عبد القادر” من نضال ومجابهة لما أسماه الفرنسيون آنذاك بالقانون والذي لم يكن عادلا أبدا مع الجزائريين الذين دفعوا الثمن في هذا البلد الظالم أهله،وتخللت مشاهد الفيلم لقطات للأحداث والمجازر الأليمة التي عاشتها الجزائر لربط كل الأحداث بالموضوع الرئيسي وهو حقيقة الاستعمار التي لا جدل ولا اختلاف بخصوصها .

يصور الفيلم الذي لعب فيه دور البطولة نخبة من الفنانين على غرار جمال دبوز، شافية بودراع ، سمير ناصري ، راشدي زام، أحمد بن عيسى والعربي المجازر التي ارتكبتها السلطات الاستعمارية الفرنسية من خلال ثلاثة أشقاء كانوا شهود عيان عليها، قبلوا أن يشدوا الرحال إلى فرنسا من أجل العيش فيها، وكيف عايشوا اندلاع ثورة التحرير الجزائرية فوق الأراضي الفرنسية.

هم ثلاثة أشقاء تشتتوا في الجزائر بعدما استولى الاستعمار على أرض أجدادهم وقتل أباهم وشقيقاتهم واجتمعوا ثانية في فرنسا للبحث عن سبيل للعيش وللانتقام من المستعمر في عقر داره أحدهم أقام نواة لجبهة التحرير والآخر استثمر في “كاباريه” وكان يدعم من خلاله الثورة الجزائرية فيما كان الأخ الثالث منسقا لكل العمليات الفدائية ضد الفرنسيين وقد جسدت الفنانة القديرة شافية بودراع دور الأم التي تحث أبناءها على النضال والتمسك بالأرض بحيث لم يخلو الفيلم من المشاهد المؤثرة لهذه الأم الشجاعة التي تصاب في نهاية المطاف بمرض السل وتبقى طريحة الفراش فيما يواصل أبناءها مسيرتهم في مجابهة الإستعمار
كما يحكي عن الدعم الذي قدمه فرنسيون للثورة الجزائرية من خلال شخصية الفرنسية الشقراء التي كانت مكلفة بنقل الأموال التي يتبرع بها الجزائريون المقيمون في فرنسا للثورة الجزائرية والتي تقوم السلطات الفرنسية بتفجير سيارتها بعد اكتشاف أمرها

الفنان أحمد بن عيسى : الثورة الجزائرية حدث تاريخي بارز مازال يستقطب اهتمام السينمائيين

قال الفنان أحمد بن عيسى الذي جسد شخصية الأب المثالي المتشبث بأرضه في فيلم “خارجون عن القانون” أنه استمتع كثيرا بهذا الدور الذي اختاره له المخرج رشيد بوشارب مشيرا إلى علاقة الصداقة والعمل التي جمعتهما منذ السبعينات .



وأوضح بن عيسى في تصريح لموقع الإذاعة
الجزائرية على هامش العرض أن موضوع الثورة الجزائرية يشكل مادة متميزة
للأعمال السينمائية بالنظر إلى أهمية هذا الحدث التاريخي الذي يمكن
للمخرجين والمنتجين أن يتناولوه من زوايا متعددة مساهمة منهم في تنوير
الرأي العام العالمي بالحقائق التاريخية على غرار المجازر الشنيعة التي
ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري .
وأراد بوشارب لهذا العمل أن يكون متخيلا
وملحمة تحكي قصة ثلاثة أخوة جزائريين وأمهم في فترة تمتد على مدى 30 سنة في
منتصف سنوات الثلاثينيات، قبل استقلال الجزائر سنة 1962حيث تعرض أفراد
الأسرة إلى الإبادة الجماعية خلال مجازر 8 ماي 1945، فقرروا التنقل إلى
فرنسا للدفاع عن القضية الوطنية وكشف الجريمة أمام العالم، وخصص الفيلم
مشاهد لمجازر 8 ماي الأسود حيث تطلق الشرطة الفرنسية الرصاص على سعال بوزيد
وصور لإعدام أحمد زبانة وهو أول شهيد بالمقصلة، كما لم يخلو الفيلم من
مظاهر الانتصار التي صنعها الجزائريون حيث تخللت مشاهده صورا حقيقية عن
الإحتفال بالاستقلال
وأثار فيلم “خارجون عن القانون” الذي أبكى جمهور قاعة الموقار واختتم على
وقع زغرودة جزائرية حرة انطلقت من حنجرة إحدى الحاضرات بالقاعة جدلا
كبيرا في الصحافة الفرنسية بحيث انتقد من طرف اليمين السياسي الفرنسي
والصحافة التابعة له التي قالت إن قصة الفيلم هي تحريف للتاريخ وتهويل
لأحداثه خاصة في تركيزه على المعاناة التي كان يعيشها الشعب الجزائري تحت
الاستعمار الفرنسي، فيما رأى البعض أن الفيلم اعتراف بحقيقة تاريخية
وتصوير لعدوانية الاستعمار الفرنسي اللاإنسانية ومجازره الاستعمارية، ويصور
الفيلم في خلفيته الدرامية مجزرة حقيقية قام بها الجيش الفرنسي في تاريخ
الثامن من مايو 1945 باسم الدفاع عن السكان الفرنسيين في الجزائر والذين
كانوا في حقيقتهم وجوداً استعمارياً تم خلالها قتل أكثر من خمسة وأربعين
ألف مواطن جزائري،وقد رد المخرج رشيد بوشارب على الحملة التي قادها اليمين
الفرنسي المتطرف بالدعوة إلى مشاهدة الفيلم ودعا بوشارب، من مدينة لوس
أنجلوس إلى الهدوء، معربا عن أمله في أن تتم مناقشة الاختلافات حول ما
أسماه الفيلم “المتخيل” في هدوء تام، وذلك من خلال رسالة وجّهها إلى مهرجان
“كان” .

فنانون
ومخرجون يؤكدون : الفيلم صور حقيقة الاستعمار التي يريد اليمين الفرنسي
تزييفها

أبدى الفنانون والمخرجون الذين تابعوا عرض
الفيلم في تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية اعجابهم بالفنيات العالية
لرشيد بوشارب الذي سلط الضوء على حقيقة تاريخية مرتبطة بعدوانية
الاستعمار الفرنسي اللاإنسانية ومجازره الشنيعة التي ارتكبها في حق
الجزائريين



وانتقد هؤلاء ماقامت به اللجنة الفرنسية
المناهضة لعرض الفيلم الجزائري والتي طالبت بتنظيم مظاهرة ضخة تزامنا مع
عرض الفيلم بالمهرجان، تعبيرا عن الاحتجاج لما حمله من أفكار مؤكدين أن
الهدف من الحملة المغرضة التي شنها اليمين الفرنسي المتطرف على الفيلم قبل
عرضه هو تزييف الحقائق والتستر على الجرائم التي ارتكبها الاستعمار
الفرنسي سواء في الجزائر أو فرنسا ،